إنها غزة، الأم الحنون على أبنائها والتي تضم أكثر من 2 مليون إنسان في قلبها، إنها المنطقة الأعلى كثافة بالسكان على وجه الأرض، والتي أصبحت منذ يوم 7 أكتوبر الماضي ميداناً لقوات الاحتلال الإسرائيلي يستهدف فيه المستشفيات ويقتل أبناء غزة وأهلها ويخلف طفولة ممزقة.
اليوم وبعد 48 ليلة من القصف العشوائي والمستمر، والاستهداف الممنهج للمستشفيات ودور الإيواء، تحظى غزة أخيراً بشيء من الهدوء لتنفض آثار العدوان الذي خلف المباني المهدمة والأجساد الممزقة، ولتستريح ولو لبعض الوقت من شبح الغارات ودوي الطائرات التي لم ترحم وليداً ولا شيخاً على مدى 7 أسابيع.
كان الخاسر الأكبر من هذا العدوان الناس الأكثر ضعفاً: أطفال غزة الذين لم يسعفهم الوقت ليدركوا قسوة الحياة حتى سحقتهم قوى الظلم والاستبداد وغادروا الحياة. جاؤوا إليها بجسد صغير وغادروها أشلاء، شهداء عند الله ببراءة طفولتهم، وشهداء على جريمة المحتل.
مؤسسة حياة يولو، وبصفتنا منظمة إنسانية ملتزمة بتخفيف معاناة الفئات الأكثر ضعفاً ومساعدة المنكوبين، نسلط الضوء من خلال هذا المقال على مأساة الطفولة في غزة، وآلام الأطفال الذين تغيرت حياتهم إلى الأبد جراء هذا العدوان.
بعض الإحصائيات عن الأرواح التي أزهقها الاحتلال
أزهق العدوان عدداً مرعباً من أرواح الأطفال في غزة، واستهدفهم في البيوت والمدارس والمستشفيات ما دعى منظمة اليونيسيف لتصف غزة كـ “أخطر مكان في العالم على الأطفال”. وتلطخت أيادي المحتل في العدوان الأخير حتى كتابة هذا المقال بأكثر من 600 مجزرة راح ضحيتها أكثر من 6,000 طفل من بين ما يزيد عن 14,200 شهيد.
المعلمون والتعليم في فوهة المدافع
أصبحت المدارس، التي كانت ذات يوم ملاذا للتعلم والنمو، ملاجئ للنازحين وأهدافاً للغارات، ما أدى لتعطل التدريس والتعليم، ولم يقتصر الأمر على توقف الصفوف الدراسية فحسب، بل إلى جرح عميق لمشاعر الأطفال بسبب الحرمان من الحياة الطبيعية والاستقرار.
ورغم ذلك، سعى المعلمون إلى مواصلة التعليم كلما كان ذلك ممكناً، غالباً في فصول دراسية مؤقتة، مصممين على إبقاء شعلة التعلم مضيئة وروح العلم حية في قلوب الجيل الصاعد من شباب وفتيات غزة.
طفولة ممزقة: صدمات صحية ونفسية
كانت أهوال العدوان أشد من أن يتصورها أي أحد، ولكن الجروح الجسدية والنفسية التي أصابت أطفال غزة كانت الأعمق، فالذين نجو من الموت فجعوا بفقد عائلاتهم وأصدقائهم وهدم منازلهم. وهي صدمات ستظل معهم معظم حياتهم مؤثرة على تكوين نفسياتهم وشخصياتهم، ما يتطلب رعاية وعناية دائمتين من أجل تجاوز الصدمة وإكمال حياتهم بما تبقى لديهم من إمكانات.
مبادرة حياة يولو لدعم أطفال وشباب غزة
استجابة لهذه الظروف المروعة، تكثف حياة يولو جهودها لدعم الأطفال من الأيتام والمصابين من خلال برامج تأهيل على يد خبراء وخبيرات في دعم الصحة النفسية، وبرامج تعليمية مستمرة.
دعوة إلى العمل: لنقف مع أطفال غزة
بينما نشارككم هذه السطور، فكلنا أمل أن تجد هذه المأساة تعاطفاً ودعماً منكم لأطفال غزة، إنها ليست مجرد طفولة مفقودة، بل هو أمل في مستقبل أكثر إشراقاً لهؤلاء الصغار، فهم يستحقون وقفة صادقة ومستمرة تساعدهم على تخطي جزء من آلامهم وتساهم في التئام جراح طفولتهم وبراءتهم.
دعاؤكم وتبرعاتكم ستكون سبباً في بناء مستقبلهم ومواصلة حياتهم.