أهمية السكن الآمن للإنسان
يحوز سكن الإنسان على أهمية كبيرة في حياته، والتي تتجاوز حماية الأجساد بين الجدران لتمتد إلى كافة مناحي الحياة وتفاصيلها، فلا يتوفر للمحتاجين حول العالم الذين يبيتون في منازل متهالكة أو في العراء ما يتوفر لمن يبيت في منزل آمن من الراحة والطمأنينة والقدرة على النمو والإنتاج. كما يفتقد اللاجئون في المخيمات إلى بيوتهم وذكرياتها، ويأملون دوماً بالعودة إليها.
وشوهد عبر مراحل التاريخ أن لنوع السكن الذي يأوي إليه الأنسان تأثيراً على شخصيته وسلوكه على المستوى الفردي والاجتماعي، ففي حين كان نمط معيشة البدو الرحل قائماً على تربية الحيوانات والتنقل بين المراعي الطبيعية التي تنبت من المطر فقد اتخذوا لأنفسهم بيوت الشعر والخيام كمساكن لكي يسهل عليهم نقل هذه البيوت معهم عند انتقالهم للبحث عن مراعي جديدة. بالمقابل، كان لدى أصحاب المهن والأعمال الثابتة مثل الصناعة والزراعة بيوت مبنية ونمط اجتماعي ومعيشي ثابت، وتطورت تلك المجتمعات مع الوقت لتصبح مدناً كبيرة كما نشاهدها اليوم.
بين هذا وذاك، كان للكوارث الطبيعية المفاجئة كالزلازل والفيضانات، وللحروب الطاحنة، تأثيرات كبيرة على أمن الناس ومعيشتهم. وتظهر في هذه الأوقات شتى أنواع التحديات أمام الذين يغادرون مدنهم وقراهم بحثاً عن حياة آمنة، ويتحتم عليهم البدء من جديد لتكوين أنفسهم. وفي حالة الصراع في سوريا وجدَ المدنيون الهاربون من الدمار ملاذاً لهم في مخيمات اللاجئين، والتي تحولت مع الوقت من ملجأ مؤقت إلى إقامة طويلة الأمد في ظروف غير مستقرة، ونمط معيشة غير واضح المعالم. فلم يجدوا حرية الانتقال للعيش في أماكن أخرى، ولم تكن ظروف المخيمات صالحة للإقامة الطويلة. وأصبحت آلاف العائلات لا تشعر بالاستقرار في مكان عيشها الجديد، ولا بالانتماء إليه.
استجابة حياة لولو
ومن منطلقنا في جمعية حياة يولو بالمسؤولية الإنسانية تجاه المجتمعات المحتاجة والمتضررة من الأزمات والكوارث، فقد أطلقنا عدداً من مشاريع الإسكان في الشمال السوري، وقمنا بإنشاء المباني والوحدات السكنية التي توفر عيشاً مستقراً وحياة كريمة للأسر المستفيدة. وأتممنا عدداً من المشاريع في عام 2022 استفاد منها 1,630 أسرة، وأصبح لدى آلاف الأفراد فرصة للعودة إلى حياتهم الطبيعية.
لم يكن إنشاء تلك المشاريع سهلا أو خالياً من التحديات، ولكننا تمكنا بعون الله من إنجازها بفضل الثقة التي تحظى بها حياة يولو في الأوساط التي تعمل بها، واستقبل المستفيدون خبر العمل على الوحدات السكنية بالاستبشار والأمل، وتمكنت حياة يولو من الحصول على التراخيص اللازمة للمباني الجديدة وحصلت على دعم المحسنين من الجهات المعنية والأفراد المحبين لعمل الخير..
تنفيذ مشاريع الإسكان في الشمال السوري
فيما يلي تفاصيل مشاريع حياة يولو التي تم تنفيذها في عام 2022: يقع مشروع الجليل الأعلى في منطقة كمونة بإدلب، ويشمل 500 وحدة سكنية مبنية بنظام الطابق الواحد، قدمت حياة يولو من خلال هذا المشروع مأوى لـ 500 أسرة من العائلات السورية والفلسطينية النازحة. وفي منطقة الفوعة المجاورة، نفذنا مشروع قرية الإحسان المكون من 200 وحدة سكنية بنظام الطابق الواحد لإيواء 200 أسرة. أما مشروع يافا البرتقال في منطقة جبل كلي فيضم 800 وحدة سكنية بنظام الطابقين، وآوى 800 أسرة. كما نفذت حياة يولو عدداً من الوحدات السكنية المتفرقة في الشمال السوري والتي وفرت سكن لـ 130 أسرة.
تستمر مشاريع إسكان حياة يولو في عام 2023، حيث نعمل حالياً في منطقة كفر جالس على تنفيذ مشروع النقب السكني والمكون من 500 وحدة سكنية، وعلى مشروع مجمع الإحسان 2 والمكون من 156 وحدة سكنية بنظام 3 طوابق وتحمل الزلازل. ونهدف من خلال هذه المشاريع إلى زيادة مساهمتنا في إصلاح واقع الأسر المحتاجة في مناطق عملنا، وتعزيز الاستدامة، ونقل الأشخاص من حالة الاعتماد على الآخرين إلى حالة الإنتاج والاكتفاء.
وتستمر رحلة العطاء، ويتواصل نشر الأمل مع مشاريع حياة يولو لدعم الأفراد والمجتمعات المحتاجة، بفضل الله ثم بإصرارنا على تقديم كل ما يمكن لتحسين مستقبل أجيال قادمة. وتستطيعون أن تكونوا جزءً من الأمل والتغيير من خلال المساهمة في حملات التبرع على موقعنا الإلكتروني.